العول
العول في اللغة :
يطلق على عدة معانٍ منها :
القيام بكفاية العيال يقال عال عياله إذا قام بكفايتهم .
قال في لسان العرب :العول : الـمَيْل فـي الـحُكْم إِلـى الـجَوْر. عالَ يَعُولُ عَوْلاً: جار ومالَ عن الـحق. وفـي التنزيل العزيز: {ذلك أَدْنَى أَلاَّ تَعُولوا}؛ والعَوْل: النُّقْصان. وعال الـمِيزانُ عَوْلاً، فهو عائل: مالَ؛ هذه عن اللـحيانـي. وفـي حديث عثمان، رضي الله عنه: كَتب إِلـى أَهل الكوفة إِنـي لسْتُ بميزانٍ لا أَعُول قال الكسائي: عالَ الرجلُ يَعُول إِذا افْتَقر، قال: ومن العرب الفصحاء مَنْ يقول: عالَ يَعُولُ إِذا كَثُر عِيالُه؛ وعالَتِ الفَريضةُ تَعُول عَوْلاً: زادت. قال اللـيث: العَوْل ارتفاع الـحساب فـي الفرائض. ويقال للفارض: أَعِل الفريضةَ. وقال اللـحيانـي: عالَت الفريضةُ ارتفعت فـي الـحساب، وأَعَلْتها أَنا. قال الـجوهري: والعَوْلُ عَوْلُ الفريضة، وهو أَن تزيد سِهامُها، فـيدخـل النُّقصان علـى أَهل الفرائض. قال أَبو عبـيد: أَظنه مأْخوذاً من الـمَيْل، وذلك أَن الفريضة إِذا عالَت فهي تَمِيل علـى أَهل الفريضة جميعاً فتَنْقُصُهم. وعالَ زيدٌ الفرائض وأَعالَها بمعنىً، يتعدى ولا يتعدى. وروى الأَزهري عن الـمفضل أَنه قال: عالَت الفريضةُ أَي ارتفعت وزادت.
العول في اصطلاح الفرضيين :-
هو أن تزيد سهام المسألة عن أصلها زيادة يترتب عليها نقص انصباء الورثة .
قال في المغني : ومعنى العول أن تزدحم فروض لا يتسع المال لها .
قال في التاج والإكليل لمختصر خليل : وسميت الفريضة عائلة من الزيادة إذا اجتمعت فيها فروض لا يفي بها جملة المال ولم يمكن إسقاط بعضها من غير حاجب وللتخصيص بعض ذوي الفروض بالنقص دون بعض، فيزيد في الفريضة سهام حتى يتوزع النقص على الجميع إلحاقاً لأصحاب الفروض بأصحاب الديون فسمى ذلك عولاً.
ومسائل الفرائض بالنسبة لما فيها من الفروض على ثلاثة أنواع :
الأول : العادل وهو ما كانت السهام فيه مساوية لأصل المسألة . مثل أخت شقيقة وزوج السهام اثنان وأصل المسألة اثنان.
الثاني : الناقص وهو ما كانت السهام فيه أقل من أصل المسألة . مثل بنت وزوج السهام ثلاثة وأصل المسألة أربعة .
الثالث : العائل وهو ما كانت السهام فيه أكثر من أصل المسألة . مثل زوج وشقيقتين السهام سبعة وأصل المسألة ستة .
متى ظهر العول :-
لم يظهر العول في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وإنما ظهر في عهد الفاروق رضي الله عنه حيث رفعت له مسألة زوج وأختين لغير أم فللزوج النصف وللأختين الثلثين فإن بدأ بالزوج لم يبقى للأختين كامل حقهما وإن بدأ بالأختين لم يبقى للزوج حقه وهي أول مسألة عائلة حدثت في زمن عمر رضي الله عنه فجمع الصحابة للمشورة فيها فقال العباس أرى أن تقسم المال بينهم على قدر سهامهم فأخذ به عمر رضي الله عنه واتبعه الناس على ذلك حتى خالفهم ابن عباس رضي الله عنه .
وقالوا بذلك : قياساً على المحاصة في الديون فإنه لو كانت الديون أكثر من التركة تقسم التركة على الدائنين بالحصص ويكون النقص على الجميع فيدخل النقص عليهم كلهم ويقسم المال بينهم على قدر فروضهم كما يقسم مال المفلس بين غرمائه بالحصص لضيق ماله عن وفائهم ومال الميت بين أرباب الديون إذا لم يفها والثلث بين أرباب الوصايا إذا عجز عنها .
صورة المسألة :-
الورثة النصيب 6 عالت إلى7
زوج النصف 3 3
أخت الثلثين 4 2 2
أخت 2 2
وهذا قول عامة الصحابة ومن تبعهم من العلماء رضي الله عنهم يروى ذلك عن عمر وعلي والعباس وابن مسعود وزيد وبه قال مالك في أهل المدينة والثوري وأهل العراق والشافعي وأصحابه وإسحاق ونعيم بن حماد وأبو ثور وسائر أهل العلم ولكن لما استشهد الفاروق رضي الله عنه أظهر ابن عباس رضي الله عنه الخلاف لأنه كان يهاب عمر رضي الله عنه وطائفة شذت يقل عددها نقل ذلك عن محمد بن الحنفية ومحمد بن علي بن الحسين وعطاء وداود فإنهم قالوا لا تعول المسائل وانفرد ابن عباس برأي آخر في مسألة المباهلة - وهي أن يقدم من قدمه الله ويؤخر من أخره الله .
والمعنى أن من ينتقل من فرض إلى فرض فهو الذي قدمه الله كالزوج ومن ينتقل من فرض إلى غيره فهو من أخره الله كالأخت فهي تنتقل من الفرض إلى التعصيب.
فيعطى المقدم فرضه كاملاً والمؤخر يعطى ما بقي كما إذا تعلقت حقوق بمال لا يفي بها فإنه يقدم منها ما كان أقوى كالتجهيز والدين وكذلك إذا ضاقت التركة فإنه يقدم فرض الأقوى وهو الذي يرث بالفرضية دائماً على فرض من يرث بالفرضية تارة وبالعصوبة تارة أخرى .
وقال الجمهور : إن كل واحد من هؤلاء لو انفرد أخذ فرضه فإذا ازدحموا وجب أن يقتسموا على قدر الحقوق كأصحاب الديون والوصايا ولأن الله تعالى فرض للأخت النصف كما فرض للزوج النصف وفرض للأختين الثلثين كما فرض الثلث للأختين من الأم فلا يجوز إسقاط فرض بعضهم مع نص الله تعالى عليه بالرأي والتحكم ولم يمكن الوفاء بها فوجب أن يتساووا في النقص على قدر الحقوق كالوصايا والديون
ويرد على ابن عباس رضي الله عنه بمسألة الإلزام وصورتها زوج وأم وأختين لأم فيلزم على قول ابن عباس رضي الله عنه إما القول بالعول أو القول بحجب الأم بالأخوين وابن عباس لا يقول بحجب الأم حجب نقصان بالأخوين .
قال في المغني :وقد يلزم ابن عباس على قوله مسألة فيها زوج وأم وأخوان من أم فإن حجب الأم إلى السدس خالف مذهبه في حجب الأم بأقل من ثلاثة من الإخوة وإن نقص الأخوين من الأم رد النقص على من لم يهبطه الله من فرض إلى ما بقي وإن أعال المسألة رجع إلى قول الجماعة وترك مذهبه
ويجاب عن هذا الرد إلى أن المؤخر في هذه المسألة هو الأخوة لأم وحدهم لأنهم لا ينتقلون من فرض إلى فرض بل ينتقلون من فرض إلى لا شيء إذا حجبوا بشخص غير الأم والزوج .
والراجح ما ذهب إليه عامة أهل العلم وهو قول عمر وجمهور الصحابة .
- فآيات الكتاب والسنة دلت على ذلك فإطلاق آيات المواريث وعدم التفرقة بين أصحاب الفروض وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإلحاق الفروض بأهلها دون تفريق .
- الإجماع انعقد قبل مخالفة ابن عباس رضي الله عنه وكذلك بعده قال في المغني : ولا نعلم اليوم قائلا بمذهب ابن عباس ولا نعلم خلافا بين فقهاء الأمصار في القول بالعول بحمد الله ومنه .
- القياس على المحاصة في الديون إذا ضاقت بها التركة.