طالعتنا إحدى الصحف اليوم 10 ديسمبر 2008 بمقال "مثير" رأى كاتبه أن العقد الذي ينتقل بموجبه لاعب محترف (في كرة القدم) من ناد إلى آخر هو عقد بيع تنطبق عليه ما تنطبق على سائر عقود اليبع من الأحكام داخلا في ذلك أحكام العيوب الخفيفة وفق مفهوم الفصول 647 وما بعده وأن من حق النادي "المشتري" القيام قضائيا على معاقده "البائع" شريطة أن يكون العيب مؤثرا و ان يكون قديما و ان يكون خفيا وأان يكون غير معلوم للمشتري..والعيب المتحدث عنه في المقال هو إصابة قديمة تعرض لها اللاعب "المبيع" مما أثر على مردوده.
ونرى أن ما ذهب إليه صاحب المقال لا يستقيم قانونا ذلك أن الاتفاق على إحالة اللاعبين من ناد إلى آخر لا يعد "عقد بيع" وفق مفهوم الفصول 564 وما بعده من مجلة الالتزامات والقعود التونسية بل هو من قبيل الاتفاقات والعقود غير المسماة وفق أحكام الفصول 23 وما بعده من المجلة والدليل على ذلك أن العقد لا يقوم حتى يوافق عليه اللاعب "المبيع"بخلاف عقد البيع الذي يتسلط على المنقول والعقار والذي لا يكون المبيع طرفا في إبرامه، بحيث أن عقد البيع يكون بين بائع ومشتر فقط وأما عقد إحالة اللاعب من ناد إلى آخر فإن أطرافه ثلاثة وهم النادي الذي ينشط فيه اللاعب والنادي الذي سينتقل إلى وكذلك اللاعب نفسه الذي يتوقف وجود العقد على موافقته وهو ما أكد عليه التشريع الرياضي الدولي. وإذا سلمنا بأن الاتفاق على إحالة اللاعبين من ناد إلى آخر ليس "عقد بيع" وفق مفهوم الفصول 564 وما بعده من المجلة تعين استبعاد التحليل القانوني الوارد بالمقال والذي استند محرره إلى أحكام الفصول 647 وما بعده من المجلة والاتجاه بدلا من ذلك إلى ما أوجبه الفصل 243 من المجلة من تنفيذ الالتزامات التعاقدية مع تمام الأمانة وأنه لا يجب ما صرّح به فقط بل كل ما يترتب عن العقد من حيث القانون أو العرف أو الانصاف، فبدل فهم الموضوع في غير إطاره قانونا والبحث عن "الحل" في أحكام البيع وعيوب المبيع وفق مفهوم الفصل 652 من المجلة الذي نص على أنه "إذا بيع شيء من المنقولات ما عدى الدواب (عافاكم الله) فعلى المشتري أن يقلّـبه فإن ألفى به عيبا وجب عليه إعلام البائع حالا وإن لم يعلمه في السبعة أيام الموالية اعتبر سكوته قبولا.."، بدل الاتجاه إلى هذه الأحكام التي من البين أنه لا انطباق لها على الصورة التي أوردها صاحب المقال، فإنه كان يتعين التمعن في أحكام فسخ العقد لعدم الوفاء استنادا لنص الفصل 273 من المجلة واعتبارا لأن النادي الذي تخلى عن خدمات اللاعب وكذلك اللاعب نفسه لم يتصرفا بالأمانة المطلوبة قانونا وفق مفهوم الفصل 243 المذكور مما يخول النادي الذي انتقل إليه اللاعب القيام قضائيا في طلب الفسخ لعدم إمكانية تنفيذ العقد مع طلب التعويض عن الخسارة استنادا لأحكام الفصل 278 من مجلة الالتزامات والقعود التونسية وقد نص على أن "الخسارة عبارة عما نقص من مال الدائن (العاقد) حقيقة وعما فاته من الربح حقيقة من جراء عدم الوفاء بالعقد. واعتبار الأحوال (الظروف) الخاصة بكل قضية موكول لحكمة القاضي وعليه أن يقدر الخسائر ويجعل فيها تفاوتا بحسب خطإ المدين ( المعاقد) أو تغريره ". أبو أحمد