العصبة ثلاثة أقسام:
الأول: العصبة بالنفس. وهم المجمع على إرثهم من الرجال إلا الزوج والأخ من الأم وقال في حاشية ابن عابدين :هو كل ذكر لم يَدْخل في نسبته إلى الميت أنثى فالأُنثى لا تكن عصبة بنفسها بل بغيرها أو مع غيرها ؛ فإنْ دخلت لم يكن عصبة كولد الأم فإنَّه ذو فرض، وكأبي الأم وابن البنت فإنَّهما من ذوي الأَرحام .
وهم اثنا عشر :
الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب والجد من قبل الأب وإن علا والأخ الشقيق والأخ لأب وابناهما وإن نزلا ، والعم الشقيق والعم لأب وإن علوا وابناهما وإن نزلا،
الثاني : العصبة بالغير : وهم أربعة أصناف :
1 - البنت فأكثر مع الابن فأكثر.
2 - بنت الابن فأكثر مع ابن الابن فأكثر الذي هو في درجتها سواء كان أخاها أو ابن عمها أو ابن الابن الذي هو أنزل منها إن احتاجت إليه .
3 - الأخت الشقيقة فأكثر مع الأخ الشقيق فأكثر .
4 - الأخت لأب فأكثر مع الأخ لأب فأكثر .
ودليل الصنفين الأولين قوله تعالى
يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) فهذه الآية تناولت الأولاد وأولاد الابن.
ودليل الصنفين الثالث والرابع قوله تعالى : ( وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) فتناولت ولد الأبوين وولد الأب .
فالذين يعصبون أخواتهم أربعة من الذكور فيمنعونهم من الفرض ويقتسمون ما ورثوا للذكر مثل حظ الأنثيين وهم الابن وابن الابن وإن نزل والأخ الشقيق والأخ من الأب وبقيّة العصبة الذكور ينفردون بالميراث دون الإناث وهم الأعمام وأبناء الأخوة وبنوهم .
قال في المغني : وإنما اشتركوا لأن الرجال والنساء كلهم وارث فلو فرض للنساء فرض أفضى إلى تفضيل الأنثى على الذكر أو مساواتها إياه أو إسقاطه بالكلية فكانت المقاسمة أعدل وأولى، وسائر العصبات ليس أخواتهم من أهل الميراث فإنهن لسن بذوات فرض ولا يرثن منفردات فلا يرثن مع أخواتهن شيئاً وهذا لا خلاف فيه بحمد الله ومنته.
مسألة : إذا كان مع بنات الابن ذكر في درجتهن
القول الأول : إنه يعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين وهو قول جمهور الفقهاء من الصحابة ومن بعدهم .
إلا فإنه خالف الصحابة فيها فقال
القول الثاني : لبنات الابن الأضر بهن من المقاسمة أو السدس فإن كان السدس أقل مما يحصل لهن بالمقاسمة فرضه لهن وأعطى الباقي للذكر، وإن كان الحاصل لهن بالمقاسمة أقل قاسم بهن،وهو قول ابن مسعود فيمن تابعه وهي من المسائل التي انفرد فيها عن الصحابة وبه قال أبو ثور ووافقه داوود .
وبنى ذلك على أصله في أن بنت الابن لا يعصبها أخوها إذا استكمل البنات الثلثين إلا أنه ناقص في المقاسمة إذا كان أضر بهن وكان ينبغي أن يعطيهن السدس على كل حال.
ودليل الجمهور قول الله تعالى: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} (النساء: 11)
ولأنه يقاسمها لو لم يكن غيرهما فقاسمها مع بنت الصلب كما لو كانت المقاسمة أضر بهن وأصله الذي بنى عليه فاسد كما قال صاحب المغنى.
مسألة : والأخوات من الأب بمنزلة الأخوات من الأب والأم إذا لم يكن أخوات لأب وأم فإن كان أخوات لأب وأم وأخوات لأب فللأخوات من الأب والأم الثلثان وليس للأخوات من الأب شيء إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كانت أخت واحدة لأب وأم وأخوات لأب فللأخت للأب والأم النصف وللأخوات من الأب واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين .
قال في المغني : وهذه الجملة كلها مجمع عليها بين علماء الأمصار إلا ما كان من خلاف ابن مسعود وأبو ثور ومن تبعهم لسائر الصحابة والفقهاء في ولد الأب إذا استكمل الأخوات من الأبوين الثلثين فإنه جعل الباقي للذكر من ولد الأب دون الإناث، فإن كانت أخت واحدة من أبوين وإخوة وأخوات من أب جعل للإناث من ولد الأب الأضر بهن من المقاسمة أو السدس وجعل الباقي للذكور كفعله في ولد الابن مع البنات . قال في بداية المجتهد : وقد خالفه داود في هذه المسألة، مع موافقته له في مسألة بنات الصلب وبني البنين، فإن لم يستكملن الثلثين، فللذكر عنده من بني الأب مثل حظ الأنثيين، إلا أن يكون الحاصل للنساء أكثر من السدس كالحال في بنت الصلب مع بني الابن .
الثالث : العصبة مع الغير وهم صنفان الأخت الشقيقة فأكثر والأخت لأب فأكثر مع البنت فأكثر أو بنت الابن فأكثر فالأخوات من الأبوين أو من الأب عصبة لا يفرض لهنّ ويرثن ما بقي بعد فرض البنات أو بنات الابن . فالأخواتُ من الأبِ يرثْنَ ما يرثُ الأخواتُ من الأبِ والأمِ عند عدمهن فيأخذن حكمهن .
وأختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال التوريث مطلقاً وعدم التوريث مطلقاً والتوريث بشرط عدم العصبة وهي بالتفصيل :-
القول الأول : أن الأخوات من الأبوين أو من الأب عصبة مع البنات، وإن لم يكن معهنّ أخ يعصبهن لأخذ ما فضل عن البنات وهو قول الخلفاء الراشدين وجمهور الصحابة.
دليلهم : حديث هزيل بن شرحبيل قال: «سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنِ ابْنِهِ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ: لِلابْنَةِ النِّصْفُ وَلِلأُخْتِ النِّصْفُ وَائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينْ، أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلاِبْنَةِ الْابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلأُخْتِ» رواه الجماعة إلا مسلماً والنسائي. وزاد أحمد والبخاري: «فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لاَ تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ» ( نيل الأوطار ).
وكان عبد الله بن الزبير يذهب إلى القول بعدم توريث الأخوات، حتى أخبره الأسود بن يزيد قال: «أتانا معاذ بن جبل باليمن معلماً وأميراً، فسألناه عن رجلٍ توفي وترك ابنته وأخته، فأعطى الابنة النصف، والأخت النصف» رواه البخاري وفي رواية له: «قضى فينا معاذ بن جبل في عهد رسول الله : النصفُ للابنة والنصفُ للأخت» .
وقال ابن حجر: وأخرج يزيد بن هارون في «كتاب الفرائض» له عن سفيان الثوري عن أشعث، عن أبي الشعثاء، عن الأسود بن يزيد قال: قضى ابن الزبير في ابنة وأخت، فأعطى الابنة النصف، وأعطى العصبة بقية المال. فقلت له: إنّ معاذاً قضى فيها باليمن، فذكره قال: فقال له: أنت رسولي إلى عبد الله بن عتبة،
من جهة النظر لما أجمعوا على توريث الإخوة مع البنات، فكذلك الأخوات.
القول الثاني : أن الأخوات لسن عصبة مع البنات بل يسقطن فلا يرثن شيئاً وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه وبه قال داوود الظاهري وطائفة .
ودليلهم ظاهر الآية {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } (النساء:176) ، فإنه لم يورث الأخت إلا إذا لم يكن للميت ولد، ومعلوم أن الابنة من الولد، فوجب أن لا ترث الأخت مع وجودها . والجمهور حملوا اسم الولد ههنا على الذكور دون الإناث
ولما قيل لابن عباس أن عمر جعل للبنت وللأخت النصف قال : أأنتم أعلم أم الله .
وكان يقول : قال عز وجل
إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ) فقلتم أنتم لها النصف وإن كان له ولد .
وكان الزبير يقول بقول ابن عباس، حتى أخبره الأسود بن يزيد: أن معاذاً قضى في بنت وأخ، فجعل المال بينهما نصفين.
القول الثالث : إن الأخوات عصبة مع البنات شريطة أن لا يكون هناك عصبة ذكر كالعم فإنه يأخذ الباقي ويسقط الأخوات وهذا قول إسحاق بن راهويه وأختاره ابن حزم .
دليلهم : الجمع بين حديث ( ما بقي فلأولى رجل ذكر) وحديث هزيل بن شرحبيل قال: «سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنِ ابْنِهِ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ: لِلابْنَةِ النِّصْفُ وَلِلأُخْتِ النِّصْفُ وَائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينْ، أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلاِبْنَةِ الْابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلأُخْتِ» رواه الجماعة إلا مسلماً والنسائي. وزاد أحمد والبخاري: «فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لاَ تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ» .
الراجح : والعلم عند الله هو قول الجمهور لوجود نص صريح في محل النزاع وهو حديث قضاء ابن مسعود المذكور
ويجاب على استدلال ابن عباس رضي الله عنه بما يلي :
1 - ليس في الآية ما يمنع إرث ألأخت بالتعصيب مع البنت بل المنع هو الإرث بالفرض لأن من شروط إرث الأخت بالفرض هو عدم وجود الولد.
2 - لو كان مع إناث الولد أخ لغير أم أخذ الباقي ولا خلاف في ذلك لدلالة القرآن والسنة والإجماع على ذلك ؛ مع أن الله قال : ( وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ ) ولم يمنع ميراثه منها إذا كان الولد أنثى فهكذا قوله ( ِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ) لا يمنع أن ترث غير النصف مع أنوثة الولد أو ترث الباقي إذا كان نصفاً لأن هذا غير الذي أعطاها إياه فرضاً مع عدم الولد .
3 - قاعدة إسقاط البعيد بالقريب فعلى القول بإسقاط الأخوات وتوريث العصبة الذكور فيه تقديم للأبعد الذي بينه وبين الميت وسائط كثيرة على الأقرب والذي بينه وبين إلا واسطة الأب فقط مثلاً توريث ابن عم الجد مع البنت وبين الميت وسائط كثيرة وتحرم الأخت القريبة التي ركضت معه في صلب أبيه ورحم أمه .
4 - إن الأخت تكون عصبة بالغير وهو أخوها فما المانع أن تكون عصبة مع الغير وهي البنت .
ويجاب عن استدلال إسحاق :
إن حديث ( ما بقي فلأولى رجل ذكر) حديث عام وقد خص بحديث قضاء ابن مسعود .
صورة المسألة على هذه الأقوال :-
فعلى قول الجمهور:- تكون المسألة كالآتي :-
إن كان بنت وأخت، فللبنتِ النصفُ، والباقي للأخت. وإن كان بنتان وأخت، فللبنتين الثلثان، والباقي للأخت. ولو كان مع البنتين عشر أخوات كان الباقي بعد الثلثين بين الأخوات بالسوية. ولو كان عشرة بنات وأخت واحدة فللبنات الثلثين وللأخت ما بقي.
ولو كان مع البنت والأخت ابن أخ يسقط .
وإن خلف بنتاً وأختاً وبنت ابن، فللبنت النصف، ولبنت الابن تكملة الثلثين، وللأخت ما بقي على ما في حديث ابن مسعود، لأن البنات لا يرثن أكثر من الثلثين .
وعلى قول ابن عباس :-
للبنت النصف، وما بقي للعصبة، وليس للأخت شيء. وإن كن البنات أكثر من اثنتين فلهما ثلثا المال والباقي للعصبة ولو كانت بنت واحدة وبنت ابن للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين والباقي للعصبة فإذا لم يكن عصبة، ردّ الفضل على البنت، أو البنات أو البنات وبنت الابن .
وعلى قول إسحاق :-
هو كقول الجمهور عند انعدام المعصب فإن كان بنت وأخت، فللبنتِ النصفُ، والباقي للأخت. وإن كان بنتان وأخت، فللبنتين الثلثان، والباقي للأخت. ولو كان مع البنتين عشر أخوات كان الباقي بعد الثلثين بين الأخوات بالسوية. ولو كان عشرة بنات وأخت واحدة فللبنات الثلثين وللأخت ما بقي.
لكن إن وجد المعصب فيسقطن الأخوات ولا يرثن شيئاً فلو كان هناك بنت وأخت وابن أخ على قول إسحاق للبنت النصف والباقي لابن الأخ والأخت لا شيء لها .
التطبيقات : بنت وبنت ابن وأخت وابن عم .
الورثة عند الجمهور 6 عند ابن عباس وإسحاق 6
بنت النصف 3 النصف 3
بنت ابن السدس 1 السدس 1
أخت شقيقة الباقي 2 ــ ــ
ابن عم ــ ــ الباقي 2
بنت وبنت ابن وأخت .
الورثة عند الجمهور وإسحاق 6 عند ابن عباس 6
بنت النصف 3 النصف 3
بنت ابن السدس 1 السدس 1
أخت شقيقة الباقي 2 ــ الباقي للعصبة فإذا لم يكن عصبة، ردّ الفضل على البنت وبنت الابن
بنت وبنت ابن وخمس أخوات لأب.
الورثة عند الجمهور وإسحاق 6×5 30 عند ابن عباس 6
بنت النصف 3×5 15 النصف 3
بنت ابن السدس 1×5 5 السدس 1
أخت لأب الباقي 2×5 2 ــ الباقي للعصبة فإذا لم يكن عصبة، ردّ الفضل على البنت وبنت الابن
أخت لأب 2
أخت لأب 2
أخت لأب 2
أخت لأب 2
بنت وخمس بنات ابن وأخت لأب واحدة .
الورثة عند الجمهور وإسحاق 6×5 30 عند ابن عباس 6
بنت النصف 3×5 15 النصف 3
بنت ابن السدس
1×5 1 السدس 1
بنت ابن 1 ــ الباقي للعصبة فإذا لم يكن عصبة، ردّ الفضل على البنت وبنات الابن
بنت ابن 1
بنت ابن 1
بنت ابن 1
أخت لأب الباقي 2×5 10
ـــــــــــــــ