الرد في الميراث
بقلم: عماد الدغاري
المبحث الأول: الخلاف حول القول بالردّ: إن انعدام نص صريح في القرآن الكريم عن الردّ وكذلك غياب أثر متفق عليه أدبا إلى الإجهاد فتعددت الآراء واختلفت المواقف.
والإجابة عن المشكل المطروح في حالة الردّ وهو: ماذا يكون مصير الباقي من التركة بعد أن يأخذ أصحاب الفروض فروضهم ولم يكن هناك عاصب تختلف باختلاف الطبيعة القانونية لبيت المال عند هذا أو ذاك، فبعض فقهاء الصحابة والمذاهب الفقهية الذين يرون بيت المال وارثا بالتعصيب تبدو إجابتهم عن مشكل الأنف الذكر واضحة فهم يقرون أن الميت يترك عاصبا واحدا على الأقل وهو بيت المال وعليه فإن باقي التركة يؤول إليه، لأن وجود عاصب في المسألة لا يتحقق معه الردّ، إذ لو وجد لأخذ الباقي ولم يبق بعد أخذه شيء يرد، كما أن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا يستحق وارث أكثر من حقه، والزيادة لابد أن تكون بدليل فإذا انعدم الدليل فلا زيادة.
إلاّ أن هذا الرأي لم يكن محل إجماع فبعض المذاهب الفقهية الأخرى لا تعتبر بيت المال وارث ولا يمكنه الحصول على شيء من التركة إلاّ عند فقد الوارث مطلقا، وذلك بصفة الجهة التي ترجع إليها الأموال الضائعة التي لا مستحق لها. وأجازوا تبعا لذلك الردّ على أصحاب الفروض.
وأجاز بعض الفقهاء الردّ على أصحاب الفروض ولكن بشرط وهو عدم انتظام بيت المال وجور الإمام.
وبالتالي يكون الخلاف حول القول بالردّ منحصرا في اتجاهات ثلاثة: الاتجاه الأول الرافض للرد على ذوي السهام (فقرة أولى) وهو ما ذهب إليه بعض فقهاء الصحابة وأخذ به مالك والشافعي رحمهما الله تعالى كما أخذ به الإمام ابن حزم الظاهري. والاتجاه الثاني وهو الاتجاه الوسطي (فقرة ثانية) وهو اتجاه قال بالردّ ووضع له شروط. والاتجاه الثالث اتجاه القائلين بالردّ على ذوي الفروض (فقرة ثالثة) وهو رأي بعض فقهاء الصحابة والتابعين وبه أخذ الحنفية والحنابلة والشيعة الزيدية الأمامية مع اختلاف في بعض التفاصيل
فقرة أولـى : الاتجاه الأول: الرافـض للـقـول بالردّ:
ذهب زيد بن ثابت وبعض فقهاء الصحابة إلى أن الباقي من التركة بعد أخذ ذوي الفروض فروضهم ولم يكن هنالك عصبة لا يرد عليهم بل يذهب إلى بيت المال، ويروي مثل ذلك القول عن ابن عباس رضي الله عنه ، وبهذا آخذ مالك(أ) والشافعي (ب) رحمهما الله تعالى، وكذلك آخذ به الإمام ابن حزم الظاهري (ج)، ولكل حججه في ذلك.
-أ- المذهب المالكي:
يرى المالكية أن بيت المال يرث بطريق العصوبة وترتيبه في الميراث بعد المستحقين بولاء العتاقة حسب ترتيبهم وفور ما جاء في المذهب، فبيت المال عاصب إذ هو كوارث ثابت النسب وهذا هو المشهور في المذهب.
ويقر أصحاب هذا المذهب تبعا لذلك بأن الفاضل من التركة بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم لا يرد عليهم وإنما هو لبيت المال، ولهم في ذلك حجتان:
الأولى: أن الله تعالى قدر أنصباء الورثة وبين فرض كل واحد منهم فلا تجوز الزيادة عليه إلاّ بدليل لأن الزيادة مجاوزة للحد وقد قال الله تعالى في آخر آية المواريث "ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين."
وعليه فإن تقدير الفروض ثبت بالنص في الكتاب والسنة، وفي القول بالردّ زيادة فيها، والزيادة لا تثبت إلاّ بالنص ولا نص، فمن زاد في أنصباء هؤلاء فقد تجاوز ما حدده الشارع وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن نزلت آية المواريث"إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا يستحق وارث أكثر من حقه"
فالزيادة إذا لا بد أن تكون بدليل وإذا انعدم الدليل فلا زيادة وعليه فلا رد.
ثانيا: إن حالة من ترك ورثة من أصحاب الفروض ولم تستغرق فروضهم كامل التركة مثل حالة من لم يترك وارث أصلا وذلك بخصوص الباقي، وبالتالي فإن السهام الباقية مال لا يستحق لأحد فيكون لبيت المال، أي يجب أن يوضع الباقي في بيت المال لينفق في مصالح المسلمين، وذلك قياسا على حالة من لم يترك وارثا أصلا.
ولم يمنع العمل بالردّ أصحاب المذهب المالكي فقط بل تبنى أصحاب المذهب الشافي في الأصل نفس الموقف. فما هي حججه في ذلك؟.
-ب- المذهب الشافعي:
يرى الشافعية أنه لا يرد على ذوي السهام، بل الباقي بعد سهام أصحاب السهام يدفع لبيت المال سواء انتظم أمره بإمام عادل يصرفه في جهته أم لا، لأن الإرث للمسلمين والإمام
ناظر ومستوف لهم والمسلمون لم يعدموا وإنما عدم المستوفى منهم، فلم يوجب ذلك سقوط حقهم، هذا هو منقول المذهب في الأصل.
واستدل هذا المذهب على عدم جواز الردّ بالكتاب والمعقول ومناقشة حجج القائلين به.
وقد اعتمد المذهب الشافعي قول زيد بن ثابت ومن ذهب مذهبه: بأن يعطي كل وارث ما سمي له فإن فضل فضل ولا عصبة للميت ولا ولاء كان ما بقي لجماعة المسلمين.
ولم يعتمد ما روى عن غيره ممن كان يرد فضل المواريث على ذوي الأرحام، فلو أن رجلا مثلا ترك أخته، ورثته النصف فرضا ورد عليها النصف الباقي.
واستدل على ذلك بكتاب الله فقد قال رسول الله تعالى" إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد."
وقال الله تعالى" وإن كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين."
فذكر الأخت منفردة فانتهى بها جل ثناؤه إلى النصف، والأخ منفردا فانتهى به إلى الكل، وذكر الأخوة والأخوات فجعل للأخت نصف ما للأخ.
وكان حكمه جلّ ثناؤه في الأخت منفردة ومع الأخ سواء، بأنها لا تساوي الأخ وتأخذ النصف مما يكون له من الميراث، فلو قلت في رجل مات وترك أخته: لها النصف بالميراث وأردد عليها النصف كنت قد أعطيتها الكل منفردة وإنما جعل لها الله النصف في الانفراد والاجتماع.
فالزيادة لا تكون إلاّ بنص ومن قال إن النصف الباقي إنما يعطي لها "ردا" ؟ أشيء نستحسنه ونضعه حيث نشاء فإن شئنا أعطيناه جيرانه أو بعد النسب منه، وإن كان ميراثا فقد ورثناها غير ما ورثها الله.
وقد أورد الشافعي في مناظرة بينه وبين بعض الناس في الخلاف في رد المواريث قال في آخرها"فقلت له: وأي المواريث كلها تدل على خلاف رد المواريث فقال: أرأيت إن قلت لا أعطيها النصف الباقي ميراثا؟ قلت له: قل ما شئت.
قال أراها موضعه قلت: فإن رأى غيرك غيرها موضعه فأعطاها جارة له محتاجة أو جارا له محتاجا، أو غريبا محتاجا؟
قال: فليس له ذلك: قلت و لا لك، بل هذا أعذر منك هذا لم يخالف حكم الكتاب نصا وإنما خالف قوم قوام المسلمين."
كما يستدل القائلون بالردّ بقوله تعالى:" وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" نذكر الشافعي رحمه الله أن هذه الآية إنما نزلت لان الناس توارثوا بالحلف ثم توارثوا بالإسلام والهجرة فكان المهاجر يرث المهاجر ولا يرثه من ورثته من لم يكن مهاجرا وهو اقرب إليه ممن ورثه فنزلت "وأولوا الأرحام" الآية على ما فرض لهم .
وبالتالي فإن الآية المذكورة لا يمكن أن تعتمد كدليل لجواز الردّ
وكان الأصل في هذا المذهب عدم الردّ على أصحاب السهام وهو ما قال به أيضا المذهب الظاهري.
-ج- المذهب الظاهري :
المذهب الظاهري شأنه شأن المالكية والشافعية في الأصل لم يجز العمل بالردّ.
فقال ابن حزم ما فضل عن سهام ذوي السهام وذوي الفروض ولم يكن هنالك عاصب ولا معتق ولا عاصب معتق ففي مصالح المسلمين أي لبيت المال، لا يرد شيء من ذلك على ذي سهم ولا غير ذي سهم من ذوي الأرحام .
فلم يوجب العمل بالردّ لا القرآن ولا السنة ولا الإجماع فإن كان ذو الأرحام فقراء أعطوا على قدر فقرهم والباقي في مصالح المسلمين.
ولكن ورغم هذه الحجج فإن بعض الفقهاء تبنوا موقفا وسطا . وهم وإن كانوا من رافضي الردّ إلاّ أنهم وضعوا له شرطا وهو عدم انتظام بيت المال وجود الإمام.
فقرة 2: الاتجاه الثاني: الاتجاه الوسطي:
حاول بعض الفقهاء تبني موقفا وسطا فهم وإن كانوا من رافضي العمل بالردّ إلاّ أنهم وضعوا له شرطا وهو عدم انتظام بيت المال وجود الإمام وممن اتخذ هذا الاتجاه الوسطي المتأخرون من المالكية (أ) والمتأخرين من الشافعية (ب)
-أ- المتأخرون من المالكية :
قد يكون سبب اتخاذ موقف وسطي من قبل أصحاب هذا المذهب المتأخرون منهم خاصة هو طبيعة بيت المال فقد قال الدسوقي مشيرا إلى كلام صاحب الشرح الكبير:"وكلام المصنف ظاهر في أن بيت المال عاصب فهو كوارث ثابت وهو المشهور كان منتظما أو غير منتظم وقيل إنه حائز للأموال الضائعة لا وارث وهو شاذ ."
ولذلك فقد برز رأي آخر يقول بالردّ وقد قال صاحب الشرح الكبير " وقيد بعض أئمتنا عدم الردّ ودفع المال لبيت المال بشرط هو أن يكون الإمام عادلا بمعنى أنه يصرف بيت المال في مصارفه الشرعية فإذا لم يتحقق هذا الشرط بأن كان الإمام غير عادل فإن ما بقي من التركة يرد على ذوي السهام ويدفع لذوي الأرحام إن لم يكن هنالك ذوو سهام يرد عليهم فالردّ على ذوي السهام مقدم على توريث ذوي الأرحام وهذا الرأي نقله أبن عرفة عن أبي عمر بن عبد البر وعن الطرطوشي" وكذلك ذكره ابن رشد وابن عسكر في العمدة.
كما ذكر الشيخ سليمان البحيري في شرح الإرشاد عن عيون المسائل أنه حكى اتفاق شيوخ المذهب بعد المائتين على توريث ذوي الأرحام والردّ على ذوي السهام لعدم انتظام بيت المال وهو ما ذهب إليه أيضا المتأخرون من الشافعية.
-ب- المتأخرون من الشافعية:
وإن كان الأصل في المذهب عدم الردّ على أصحاب السهام إلاّ أن ذلك لم يمنع بروز رأي آخر خالف بمقتضاه المتأخرون من جمهور فقهاء المذهب منقول هذا المذهب في الأصل.
وقال العلامة الشيخ محمد الشربيني الخطيب "وقد يطرأ على الأصل ما يقتضي مخالفته فقد أفتى المتأخرون من جمهور فقهاء المذهب بأنه لم ينتظم أمر بيت المال لكون الإمام غير عادل فإنه يرد ما بقي من التركة بعد فروض أصحاب الفروض على أهل الفروض لأن المال مصروف إليهم أو إلى بيت المال بالاتفاق فإذا تعذرت إحدى الجهتين تعينت الأخرى. وفي زيادة الروضة أن الردّ على ذوي الفروض عند فساد بيت المال هو الأصح أو الصحيح عند محققي أصحابنا ومتقدميهم: أي لأنه كان موجودا قبل الأربعمائة وقال: أنه قول عامة مشائخنا وجرى على ذلك أيضا القاضي الحسين والمتولي والجوجري وصاحب الحاوي وآخرون."
وبالتالي فإن المتأخرين من الشافعية أجازوا الردّ بشرط جور الإمام أي الحاكم وعدم انتظام بيت المال فإذا كان الإمام عادلا وبيت المال منتظما فإنه لا رد أما إذا كان العكس فالأولى أن يرد الباقي على أصحاب السهام حتى لا تضيع في بيت مال غير منتظم.
ويرى بعض فقهاء القانون أن المتأخرين من الشافعية إنما يلتقون في حقيقة الأمر مع المذهب الحنفي والمذهب الحنبلي ذلك أنهم قلبوا الشرط المذكور إلى قرينة في عدم انتظام بيت المال أبدا. وهو ما يجعلنا نتطرق الى الاتجاه الثالث القائلون بالردّ وهم الحنفية والحنابلة والشيعة.
فقرة ثالثة: الاتجاه الثالث: القائلون بالردّ:
إن اختلاف الأئمة والفقهاء في المقدار الذي يفضل من ذوي الفروض: أغلبهم يرد أم يذهب لبيت المال، هو اختلاف ساهم في وجوده غياب نص صريح في كتاب الله كما لم يكن هنالك اثر متفق عليه في ذلك. فذهب لك إلى ما وصل إليه اجتهاده.
ولم يمنع ذلك بعض فقهاء الصحابة والتابعين من إجازة العمل بالردّ إعمالا للرأي واستنادا إلى بعض الحجج والأدلة المستمدة من الكتاب والسنة.
فقد قال بالردّ على ذوي الفروض عامة فقهاء الصحابة والتابعين وبه اخذ الحنفية (أ) والحنابلة (ب) والشيعة الأمامية والشيعة الزيدية (ج) مع شيء من الاختلاف فيما بينهم،وهو قول بمقتضاه يرد الباقي على ذوي الفروض النسبية بنسبة فروضهم سواء انتظم بيت المال أم فالردّ مقدم على ذوي الأرحام ومن باب أولى على بيت المال.
-أ- المذهب الحنفي:
أخذ الحنفية برأي الإمام علي رضي الله عنه فقالوا بالردّ على أصحاب الفرائض وليس هناك عصبة من جهة النسب ولا من جهة السبب فإنه يرد الباقي عليهم بنسبة مهامهم إلاّ الزوج والزوجة.
ويعود اعتماد قاعدة الردّ في المذهب الحنفي إلى طبيعة بيت المال عنده من جهة،وإلى استدلالات استمدّوها من الكتاب والسنّة والمعقول.
فعمليّا الردّ هو حلّ لمشكل تطبيقي هو كالآتي : وجود باقي من التركة بعد أصحاب الفروض وعدم وجود عاصب فما ذا يكون مصير هذا الباقي؟
إن جواب عن هذا التساؤل واضح في المذهب الفقهية التي لم تقل بالردّ لاعتبارها بيت المال أو صندوق الدولة وارثا بالتعصيب فبالتالي يترك الميت على الأول وارثا وحيدا وهو صندوق الدولة.
أما المذهب الحنفي فلا يعتبر بيت المال وارثا . فالمال يوضع في بيت المال إذا مات الميت من غير وارث ولم يوجد موصى له بأزيد عن الثلث، توضع كل التركة أو الباقي منها في بيت المال لا إرثا بل فيئا. أي بصفة الجهة التي ترجع إليها الأموال الضائعة التي لا مستحق لها. وبالتالي فإن الحل في الصورة التي لا تستغرق فيها الفروض كامل التركة على أصحاب الفروض بنسبة فروضهم.
وقد استدل الحنفية لرأيهم بالكتاب والسنة والمعقول:
استدل الحنفية من الكتاب بقوله تعالى "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله".
ووجه الاستدلال بالآية المذكورة يكمن في أنها نصت على أن كل قريب أولى بقريبه بسبب الرحم فالباقي بعد دفع الفروض إلى أصحابها يرد على ذي الرحم وقدم ذوي الفروض على غيرهم من ذوي الأرحام لقوة قرابتهم.
كما استدل الحنفية من السنة بالنصوص الآتية:
-1- قول النبي صلى الله عليه وسلم "من ترك مالا فلورثته ومن ترك كلا فإلي" وفي لفظ"من ترك دينا فالي ومن ترك مالا فللوارث"
والحديث واضح منه أن المال الذي يتركه الوارث يعود إلى ورثته بطريق الميراث سواء في ذلك بطريق الفروض أو بطريق الإرث بالتعصيب والإرث بطريق الردّ على أصحاب الفروض إذا لم يكن عصبة داخل في هذا العموم.
2) قصة سعد ابن أبي وقاص حين عاده الرسول صلى الله عليه وسلم فقد روي أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه لما دخل على سعد بن أبي وقاص يعوده قال:"إني قد بلغ مني الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلاّ ابنة لي، أ فأتصدّق بثلثي مالي؟ قال: لا، فقلت: بالشطر (أي النصف) قال:" لا" قلت:"بالثلث،" قال:"الثلث والثلث كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفّفون الناس."
واعتقد سعد أن الابنة تكون وارثة لجميع المال ولم ينكر ذلك عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ثم منعه عن الوصيّة بما زاد عن الثلث مع أنه وارث إلاّ ابنة واحدة فلو كانت لا تستحق الزيادة على النصف بالردّ لجوز له الوصيّة بنصف المال ومن الواضح أنها لا ترث جميع المال إ لا إذا أخذته فرضا وردا.
-3- وفي حديث عمرو ابن شعيب عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم ورث بنت الملاعنة من أمها أي ورثها جميع المال ولا يكون ذلك إ لا بطريق الردّ.
-4- حديث وائلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "تحوز المرأة ميراث لقيطها وعتيقها والابن الذي لو عنت به".
ويفيد الحديث أن استحقاق الميراث بطريق الولاية لأن الولاية خلافة، والوارث يخلف المورث ملكا وتصرفا ولذلك كان ما يقطع الولاية كالرقّ واختلاف الدين يمنع التوارث وإذا تبين لنا أن استحقاق الميراث إحدى طرقه الولاية وهي أمر ثابت لأقارب الميت وانهّم بإسلامهم ساووا المسلمين في الإسلام وزادوا عليهم أنه بالنسبة للميت أقارب له فلهم الحق في أن يحوزوا مال مورثهم بطريق الفرض والردّ.
وفي إجازة الردّ على أصحاب الفرائض إذا لم يوجد عاصب أعمالا لقوله تعالى "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله،" ولقوله تعالى "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين". الآيات.
فالله في النص الأول "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض"... قد نص على أن كل قريب أولى بقريبه بسبب الرحم فالباقي بعد دفع الفروض إلى أصحابها يرد على ذي الرحم وقدم ذوي الفروض على غيرهم من ذوي الأرحام لقوة قرابتهم ولأن القرآن قد خصهم في آية المواريث بأشياء معلومة نعلم أن المخصوصين من أصحاب الرحم أولى من غيرهم فيرد عليهم بنسبة فروضهم، وبذلك يقع العمل بالآيتين معا بآية المواريث بأن يدفع لك فرض إلى صاحبه وبأية ذوي الأرحام بالردّ عليهم بنسبة فروضهم، فالردّ على ذوي الفروض مقدم على ارث ذوي الأرحام.
وقد قال بالردّ أيضا إلى جانب أصحاب المذهب الحنفي الحنابلة ولهم في ذلك مجموعة من الحجج والأدلة.