لقد تعرض المشرع لانحلال هذه المؤسسة بالفصول من 18 إلى 26 من قانون 9 نوفمبر 1998 والتي وردت تحت عنوان "في انتهاء الاشتراك في الأملاك" وهو العنوان الخامس من هذا القانون. وقد بينت هذه الفصول على وجه التحديد أسباب انتهاء الاشتراك (الفقرة الأولى) كما حددت الآثار التي تترتب عن انتهائه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أسباب انتهاء الاشتراك:
ينقضي الاشتراك في الأملاك بين الزوجين مبدئيا بانفصام العلاقة الزوجية فهدف هذا النظام هو تنظيم العلاقة المالية بين الزوجين ومتى انقضت تلك العلاقة ينقضي الاشتراك في الأملاك بالتبعية لذلك . (أ)
لكن من الممكن أن ينتهي الاشتراك بدون أن يكون ذلك مقترنا بانفصام العلاقة الزوجية (ب).
أ- انتهاء الاشتراك بانفصام العلاقة الزوجية:
تنفصم العلاقة الزوجية أساسا بالطلاق أو الوفاة أو بفقدان أحد الزوجين وهي نفس الأسباب التي ينقضي بها الاشتراك في الأملاك فقد نص الفصل 18 من قانون 9 نوفمبر 1998 صراحة: ينتهي الاشتراك بوفاة أحد الزوجين – بالطلاق – بفقدان أحدهما..."
1- انتهاء الاشتراك بالوفاة:
تؤدي وفاة أحد الزوجين إلى إنهاء حالة الاشتراك باعتبار أن نظام الاشتراك في الأملاك يخص الزوجين معا ويستحيل أن يتواصل بوفاة أحدهما وباعتبار أيضا أن ورثة القرين المتوفي لا يمكنهم أن يحلوا محله في هذا النظام لأنه يهم الزوجين دون غيرهما.
وبانتهاء الاشتراك يصبح الزوج الباقي على قيد الحياة في حل من أي اشتراك فالأملاك التي يكتسبها بعد ذلك التاريخ تعتبر ملكا خاصا به.
وتاريخ الوفاة هو التاريخ الذي يعتد به في مواجهة الغير استنادا إلى أحكام الفصل 450 من م ا ع الذي يعتبر تاريخ الوفاة تاريخا ثابتا في مواجهة الغير .
والأمر لا يحتاج إلى أي إجراء من إجراءات الإشهار باعتبار أن الوفاة تدرج "بالضرورة" بدفاتر الحالة المدنية وبدفتر الملكية العقارية .
وبانتهاء حالة الاشتراك بموجب الوفاة يكون من حق القرين الباقي على قيد الحياة الحصول بالإضافة إلى نصيبه الشرعي في الميراث الذي يختلف بحسب ما إذا كان له أبناء أم لا، على النصف أيضا من المكاسب المشتركة التي أمكن تجميعها خلال العلاقة الزوجية ولا يعد ذلك مساسا بقواعد الإرث باعتبار "أن الزوجين عندما يختاران الالتزام بنظام الاشتراك في الأملاك يكونان بمثابة شريكين في خصوص ما يحصل لهما من مكاسب مشتركة طيلة الحياة الزوجية التي تبدو وكأنها من الناحية المالية بمثابة شركة بين الزوجين لذلك يتم اقتسام هذه المكاسب بالتساوي بينهما بقطع النظر عن واقعة الوفاة فموضوع الاشتراك في الأملاك مختلف عن موضوع الإرث والمناب المنجر عن قسمة المشترك لا علاقة له بالمناب المنجر عن توزيع الميراث ويفترض تبعا لذلك أن تتم تصفية المشترك في حالة الوفاة قبل فرز الشركة لأن الشركة لا تتسلط إلا على الأملاك الخاصة بالقرين المتوفى ومن الضروري إخراج الأملاك المنجرة لقرينه بموجب الاشتراك قبل القيام بعملية قسمة الميراث.
وما تجدر ملاحظته هو أن الوفاة ليست دائما وفاة طبيعية بل من الممكن أيضا أن تكون وفاة حكمية أي أن تصدر المحكمة حكما بقضي بالوفاة وتكون له نفس الآثار المترتبة عن الوفاة الطبيعية بما في ذلك انتهاء الاشتراك.
والإشكال الذي يمكن أن تثيره الوفاة الحكمية هو أن يظهر القرين الذي حكم بوفاته للوجود بعد صدور حكم الوفاة والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:
هل من الممكن لهذا القرين أن يثبت وجوده ويبطل الحكم الصادر بوفاته وهل أن إبطال هذا الحكم من شأنه أن يؤدي إلى إبطال عملية انتهاء الاشتراك أم أن الأمر يتطلب الاتفاق من جديد على اختيار نظام الاشتراك في الأملاك باعتبار أن المشترك قد تمت تصفيته ولم يتبق منه شيء ؟
لقد تفطن المشرع لإمكانية أن يظهر من حكم بموته للوجود بعد صدور الحكم بوفاته لذلك فقد سمح له بأن يطلب إبطال الحكم المذكور وبأن يسترد مكاسبه حسب الحالة التي توجد عليها وقد تم التنصيص على ذلك صلب الفصل 58 من القانون عدد 3 لسنة 1957 المتعلق بالحالة المدنية .
ولما كان أهم أثر للبطلان هو إرجاع الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها فإن إبطال حكم وفاة أحد الزوجين من شأنه أن يرجع الزوجين إلى الحالة التي كانا عليها قبل صدور ذلك الحكم وليس المقصود بذلك حالة الزواج فقط وإنما أيضا حالة الاشتراك في الأملاك.
ويبقى السؤال المطروح:
هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى إرجاع المشترك إلى الذمة المالية للزوجين أم أن ذلك صعب المنال باعتبار أن المشترك قد خرج بصفة نهائية من ذمتهما المالية على إثر تصفيته وقسمته ؟
إن هذا الإشكال قد لا يطرح إذا كان القرين الباقي على قيد الحياة هو الوارث الوحيد لأنه من الممكن متى وقع إبطال حكم الوفاة أن يعود المشترك من جديد إلى الذمة المالية المشتركة للزوجين ما لم يقع التفويت فيه للغير.
لكن الصعوبة تكمن في صورة وجود ورثة آخرين غير الزوجة والأطفال لأن مناب القرين الذي حكم بوفاته سيكون قد انتقل إلى ورثته وفي هذه الصورة يصعب إرجاع تلك الأملاك مجددا إلى الذمة المالية المشتركة للزوجين ومع ذلك فإن إمكانية رجوع هذا القرين على ورثته تبقى واردة سواء لمطالبتهم باسترجاع أملاكه التي انجرت إليهم بوجه الإرث أو بمنحه تعويضا نقديا مقابل ذلك إذا ما وقع التفويت فيها للغير وهذا ما قصده المشرع من استعماله لعبارة "حسب الحالة التي يوجد عليها" أي بحسب ما إذا كانت موجودة ومن الممكن استرجاعها أو غير موجودة وغير قابلة بالتالي للإرجاع.
2- انتهاء الاشتراك بالطلاق:
لقد شرع هذا النظام الجديد أساسا لتدعيم فكرة الشراكة بين الزوجين لذلك فإنه من الطبيعي أن تنتهي حالة الاشتراك بين الزوجين بانفصام العلاقة بينهما وذلك سواء لأسباب خارجة عن إرادتهما وهي صورة الوفاة أو لأسباب إرادية ونقصد بذلك الطلاق .
وقد وردت عبارة الطلاق بالفصل 18 من قانون 9 نوفمبر 1998 مطلقة بما يعني أنها تشمل كل أنواع الطلاق سواء كان بالتراضي أو بناء على رغبة أحد الزوجين أو بموجب الضرر.
وتزامن انتهاء الاشتراك في الأملاك بوقوع الطلاق بين الزوجين يفترض أن تبحث في بداية تاريخ انتهاء نظام الاشتراك: هل هو تاريخ رفع دعوى الطلاق أم تاريخ صدور حكم بات فيه؟
الأكيد أن الزوجين لا يعتبران في حالة طلاق إلا من تاريخ صدور حكم بات يقضي بإيقاعه بينهما وبالتبعية لذلك فإن نظام الاشتراك لا ينقضي بدوره إلا من ذلك التاريخ .
غير أن البعض اعتبر أن هذا الحل يتجافى مع الواقع لأنه غالبا ما يكون الزوجان في حالة فراق فعلي قبل صدور حكم الطلاق وهناك إمكانية أن يكتسب أحد الزوجين ملكا معينا دون مساهمة الطرف الآخر خلال تلك الفترة خاصة أن إجراءات الطلاق قد تطول أحيانا.
ولعل هذا ما جعل المشرع الفرنسي يعتبر الاشتراك منتهيا بين الزوجين بداية من تاريخ رفع الدعوى وليس من تاريخ صدور حكم بات في الطلاق بل أكثر من ذلك فقد سمح المشرع الفرنسي لأحد الزوجين أن يطلب من المحكمة اعتبار الاشتراك منحلا في تاريخ سابق عن تاريخ رفع الدعوى إذا ما أثبت أن الفراق الفعلي بينه وبين قرينه قائم قبل تاريخ رفع الدعوى .
وعلى كل فإن إمكانية الأخذ بهذا الموقف تبقى واردة في القانون التونسي باعتبار أن المشرع قد استعمل عبارة مطلقة فقد ذكر الطلاق دون أي تحديد لدرجته القضائية ودون أن يبين ما إذا كان الأمر يتعلق بأول مراحل النزاع أي برفع الدعوى أم أخرها أي بصدور حكم يكون باتا.
وحسب اعتقادنا فإن البحث في تاريخ انتهاء الاشتراك وتحديد ما إذا كان هو تاريخ رفع الدعوى أم تاريخ صدور حكم بات في الطلاق يبقى مسالة نظرية باعتبار أن نظام الاشتراك في الأملاك يقوم أساسا على فكرة التعاون والتفاهم بين الزوجين ومتى سادت الخلافات العلاقة الزوجية انتفى كل موجب لوجود هذا النظام والأمر سيان سواء انتهى الاشتراك عند رفع دعوى في الطلاق أو عند صدور حكم بات في ذلك باعتبار أنه من المستبعد على مستوى التطبيق أن يقوم الزوجان باكتساب أي أملاك تكون مشتركة بينهما والحال أنهما على خلاف وعلى علم بأن علاقتهما في اتجاهها نحو التلاشي وهذا ما يجعلنا نستبعد إمكانية وجود أملاك مشتركة خلال الفترة الفاصلة بين التاريخ رفع دعوى الطلاق وتاريخ صدور حكم بات في ذلك.
وما تجدر ملاحظته هو أن هذا الإشكال الزمني غير مطروح بالنسبة للغير باعتبار أن معارضة الغير بالطلاق لا تكون إلا من تاريخ إدراجه بدفاتر ضابط الحالة المدنية وذلك غير ممكن إلا إذا كان هناك حكم بات في الطلاق.
وتزامن انتهاء الاشتراك في الأملاك بايقاع الطلاق بين الزوجين من شأنه أن يثير إشكالا آخر يتمثل في مدى إمكانية النظر في المسألتين في قضية واحدة وأمام نفس المحكمة من عدم ذلك.
الثابت أن المشرع وإن رتب على الطلاق انتهاء الاشتراك في الأملاك إلا أنه لم يفرض على الزوجين أن يقوما بقسمة المشترك وتصفيته في إطار نفس قضية الطلاق أو في إطار قضية مستقلة إذ لا شيء في قانون 9 نوفمبر 1998 يرجح هذه الإمكانية على تلك.
ومع ذلك فإن الأفضل جعل قضية القيام بقسمة المشترك وتصفيته لاحقة لقضية الطلاق وذلك لسببين على الأقل:
أولا: أن قسمة المشترك لا تتم إلا بعد خلاص الديون أو تأمين ما يلزم لخلاصها بالإضافة إلى ما أباحه المشرع لدائني الزوجين من إمكانية التدخل والاعتراض على الحكم الصادر وقتها بما يجعلها قضية معقدة ودقيقة تتطلب أن يقع النظر فيها بصفة مستقلة.
ثانيا: أن النظر في نفس الوقت في قضية الطلاق وفي مسألة الاشتراك من شأنه "أن يجعل قضية الطلاق ذات طابع مدني مالي في حين أن رغبة المشرع في قضايا الأحوال الشخصية أن يبقى لها طابعها العائلي" ويتجه اهتمام القاضي في هذه المرحلة إلى محاولة الإصلاح وإلى اتخاذ الوسائل الوقتية اللازمة والقرارات الفورية المتصلة خاصة بنفقة الأبناء وحضانتهم بالإضافة إلى بقية الآثار المترتبة عن الطلاق من غرم ضرر وجراية.
وقد اقترح بعض الذين تعرضوا لهذه المسالة أن يقتصر قاضي الأحوال الشخصية على الإعلان عن إنهاء حالة الاشتراك في الأملاك إذا طلب منه ذلك دون أن يدخل في جزئيات تصفية وقسمة المشترك التي تبقى من اختصاص المحكمة الاستحقاقية لأنها لا تتماشى مع طبيعة الأحوال الشخصية
ويبقى هذا الاقتراح قابلا للنقاش لأنه إذا كان بإمكان المحكمة أن تفصل بمناسبة نظرها في دعوى الطلاق في مسألة عارفة الزوجين وتقضي في ملكية المنقولات حسب ما يثبت لها من الحجج المقدمة من أحد الزوجين أو بإعمال قاعدة ما هو معتاد للرجال وما هو معتاد للنساء فإننا نتساءل لماذا لا تنظر هذه المحكمة في نفس الوقت في ملكية العقارات على أساس اختيار الزوجين لنظام الاشتراك في الأملاك وتقضي سواء بأنها مشتركة أو بأنها خاصة بأحد الزوجين وهو اقتراح منطقي بالنظر خاصة إلى وحدة الخصوم وهما الزوجين ووحدة سبب النزاع وهو الطلاق الذي يعد سببا من أسباب انتهاء حالة الاشتراك.